مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[تفسير سورة المنافقون]

صفحة 149 - الجزء 1

  السماوات والأرض، وأن عنده من الرزق ما يعم جميع العالمين، وأنه لا يضيع عباده الصالحين، بل يرزقهم من حيث لا يحتسبون، ويسبب ذلك من حيث لا يرجون. ومعنى {وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ٧} فهو: لا يعلمون، ولا يوقنون أن لمحمد ÷ رزقا سوى ما ينالهم مما في أيديهم، من واجب ما جعل اللّه عليهم. فأما سوى ذلك من المواساة فلم يكن ذلك من أخلاق المنافقين، وإنما المواساة من أخلاق الأنصار المتقين.

  ثم قال سبحانه: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ٨}. معنى {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ} فهو: متى عدنا إلى المدينة. ومعنى {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} فهو: لينفذن الأعز منها الأذل، وقدروا أنهم الأعز وأن محمدا ÷ وأصحابه الأذلاء، فأكذب اللّه قولهم، وما قدروا بجهلهم، فقال ø: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}. وقال: {وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ٨}. معناه: لا يوقنون.

  ثم قال سبحانه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ٩}.

  معنى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو: يا هؤلاء. ومعنى {لا تُلْهِكُمْ} فهو: لا يشغلكم ويسهكم. ومعنى و {أَمْوالُكُمْ} فهو: أملاككم من أنواع ما خلق