[تفسير سورة المنافقون]
  أوجدناك أن أصل النكاح صحيح، وأن العدول عنه في بعض الحالات يصرفون ويبدلون، وأصل الذبائح فإنما هو وضع الشفرة وقتل البهيمة، فإذا قتلها غير من يذكر اسم اللّه على حقيقة الذكر بطلت الذبيحة وحرمت، ولم ترجع قائمة كما كانت، لأن للآية لم يؤت بها فيها كما أنزلت.
  واعلم أن من ذكر اللّه فليسوا في ذكره سواء، لأن خالص الإيمان، وذكر الرحمن، من طريق الذكر وحده، لأنا نعلم أن اللّه لم يرد الذكر إلا من مطيعيه، ولم يرده ممن يعصيه، لأن أمير المؤمنين # قال: «الإيمان: قول مقول، وعمل معمول، وعرفان في العقول»، وقد مدح اللّه المؤمنين فقال عز ذكره: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ ...}
  [الأحزاب: ٣٥] الآية. وعرف ما هم عليه من الطاعة، وما لهم عنده من الثواب، ولم يمدح أحدا من العاصين مع ذكرهم له، ونحن نعلم أن كلهم له ذاكرين، والخطب في هذا ومثله يتسع، فلذلك قطعت فيه الشرح، ورجعت إلى أصل المسألة، ومن ذلك أن يكون الزوج والولي جهلا فسق الشاهدين، فاستشهدوهما على جملة الإسلام، فهذا لا يفسد النكاح بين المسلمين، كما لم يفسد نكاح من كان قبلهم، ومن ذلك أن الأمة كلها إلا اليسير منها على غير استقامة، وبعضها يشهد بعضا في جميع ما هم فيه من بيع أو شراء أو نكاح، حتى لو أن اللّه سبحانه أظهر ولّي حق لما أبطل شهادات شهودهم، فيما كان قبله، فأما من حين يظهر فيرد حكمهم وشهاداتهم إلى أهل الإيمان والعدالة، ويبطل ذلك ببطلان حكم أهل الفسق وشهاداتهم، ولو أن الأمة نقضت أحكامها لأدى ذلك إلى فساد عظيم.