مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسائل كويل بن الحسن]

صفحة 160 - الجزء 1

  خارج ردوه، وإن خرج من أصحابهم الذين بمكة إليه خارج رده، فأوفى كل عهده إلى انقضاء المدة، فلما بلغوا الأجل أنزل اللّه تبارك وتعالى على نبيه #: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}⁣[البقرة: ٢٥٦]، فمنع # قريشا بعد نزول هذه الآية إكراه أحد ممن اختار الإيمان منهم، فهذا ما روي في هذه الآية، لا ما توهمت وفقك اللّه.

  وقد يكون من معنى هذه الآية وتأويلها: أن يكون اللّه تبارك وتعالى عرّف العباد أنه غير مكره لهم على طاعته إكراه جبر، والذي يدل على ذلك قوله: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}⁣[البقرة: ٢٥٦]، وليس الإكراه من اللّه سبحانه كالإكراه من نبيه ÷، لأن الإكراه من النبي # يقتضي قرر اللسان، وفي الضمير من الاعتقاد غير ذلك، والإكراه من اللّه تبارك وتعالى يقتضي الإقرار باللسان، وإخلاص النية في الضمير، فجاء معنى هذا القول من اللّه سبحانه بمعنى قوله: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩]، فجاء ظاهر هذا الخطاب كالإباحة، وإنما هو تخيير من اللّه سبحانه لعباده، بعد أن عرّفهم ما في الحالين من العقاب والثواب، كذلك عرّف عباده أنه غير مكره لأحد منهم على طاعة ولا معصية، بعد أن بيّن لهم الرشد من الغي، فهذا أيضا وجه حسن التأويل، فأي المعنيين تأولت فقد أصبت، إن شاء اللّه تعالى.

  و [سألت] عن معنى قول اللّه سبحانه لنبيه ÷: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ