مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسألة الجمع بين الصلاتين]

صفحة 189 - الجزء 1

  ما أعطاه في دار الدنيا، ولما في الآخرة الفضل، لأنه خلق للبقاء، وكل ما خلق في الدنيا فإنما خلق للفناء، والجن يومئذ يوصل اللّه إليهم ما لهم فيه لذة ونعيم، مما قد جعل اللّه لهم فيه مقنعا وسرورا، فاعلم ذلك.

  و [سألت] عن بعث اللّه لجميع عباده أفي أكفانهم أم عراة؟

  الجواب: اعلم أن اللّه تبارك اسمه يبعث من يبعث من عباده في أكفانهم، وما يوارون عن الملائكة والصديقين عوراتهم، والدليل على ذلك قول النبي ÷: «عورة المؤمن على المؤمن حرام»، مع الأمر لغاسل الميت أن يجعل على عورته ما يواريها، مع ما يروى عن أمير المؤمنين ~: «أنه لما أخذ في غسل رسول اللّه ÷، وأراد فسخ القميص، نودي من جانب البيت: لا تفسخوا القميص»، فكل هذا يدل على أن اللّه تبارك وتعالى بلطفه لا يحشر عباده إلا في أكفانهم، وما يستر عوراتهم، فالآخرة أولى لعظيم خطرها، ولما يجمع اللّه فيها من الخلق في ذلك اليوم، إذ يقول فيه عز من قائل: {ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ١٠٣}⁣[هود: ١٠٣]. فما كان اللّه جل اسمه ليحضر شهود ذلك اليوم الذي فيه الثواب والعقاب، ما كان محرما في الدنيا، هذا ما لا ينسبه إلى اللّه جل اسمه إلا أعمى، وهذه الأمة المخالفة للحق قد تنكر قولنا في ذلك، وترى محرّم اللّه منه كائنا، واللّه يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.