مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسألة الجمع بين الصلاتين]

صفحة 191 - الجزء 1

  الجواب: اعلم أن كل ما نهى اللّه عنه كبيرة، فمن أتاها عمدا استحق عذاب اللّه جل اسمه، وليس من معاصي اللّه سبحانه صغيرة. فأما ما وعد اللّه سبحانه من تكفير السيئات، فليس من البشر إلا من قد أساء سواية، أدناها الغفلة وافتقاد النفس من الزلة، فإذا اجتنب العبد الكبائر، غفر اللّه له وكفر عنه سيئاته المتقدمة، فهذا جواب هذه المسألة.

  و [سألت] عن معنى قول اللّه سبحانه: {إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥}⁣[آل عمران: ٣٥]؟

  الجواب: اعلم أن هذا خبر من اللّه جل اسمه عن امرأة عمران، وما نذرت للّه مما في بطنها، وكان مثل ذلك في ذلك الزمان يفعله الصالحون، فكان ربما نذر أحدهما أن اللّه إن رزقه ولدا ذكرا، لم يشغله بشغل من شغل الدنيا، ولم يستعنه فيما يستعان الأولاد فيه، ولم يصرف ذلك الولد في شيء من الأشياء، إلا في عبادة اللّه، وتعليم ما يدعو إلى طاعة اللّه، فلما ولدت امرأة عمران بنتا، قالت: ما حكى اللّه عنها: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ٣٦ فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً}⁣[آل عمران: ٣٦ - ٣٧]، وقبل جل اسمه ابنتها كما كان يقبل البنين، وجعل فيها من البركة ما جعل في البنين، وجعل ابنها نبيا من المرسلين، À من أهل بيت أجمعين.