مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى ولد قحطان]

صفحة 215 - الجزء 1

  أوجبتم أنتم وسائر عشائركم، وأنفذتم الأمر في أنفسكم، ولم تفعلوا إلا جيدا مما⁣(⁣١) أنتم أهله، وقد نظرت في أحوالكم، وفكرت في أموركم، فإذا أنتم أهل محبة ومساعفة لصاحبكم ما كان مقامه في أوسط داركم، وحيث يناله قويكم وضعيفكم، وإن جاوز بلدكم لم تلتزموا منه بلزمه بدفع سيئة ولا جلب حسنة، وقد دخلت معكم وأنا أحسب أني سوف أنال بكم ما ينال ولي حق، من ملك البلاد، وطاعة العباد، فلما رأيت تقلبكم، وتعسر فراق الأهل والأموال عليكم حال اليأس دون الرجاء، وكنت كما قال القائل قد جعلت نقي الشحح نقيع⁣(⁣٢)، والآن فإذا قد عسر عليكم إلا ما تصرفون فيه حيث أنتم، فأنا أعذركم ولا أعذر نفسي في أن أسير إليكم، وآتي كل قوم عند منازلهم، ولا أكلفهم عناء ولا نفقة مال في سبيل اللّه إلا من أحب ذلك، فليس اللّه يضيع أجر من أحسن عملا. ولقد أتحرج أن أحمل نفسي على الخطر كنت بالبعد منكم أو القرب.

  واعلموا أنه إن فاتت إلي فائتة من بعض أعداء اللّه أن ذلك حال يؤثمني ويؤثمكم، ولا بد من إحدى ثنتين: إما كنتم قوما متعلقين بي وطالبين أن أثوب إليكم، وذلك حال لا يمكني أن أباشره بنفسي، وأسير في مخلاف صعدة بضعة عشر يوما بالخفراء⁣(⁣٣)، وليس كل الناس أمينا فأسلّم إليه نفسي


(١) في السيرة: ما. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) كذا في السيرة.

(٣) الخفراء: المحافظون والحرس من الجند.