مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى العبدين]

صفحة 223 - الجزء 1

  ونصح للّه في سره وعلانه⁣(⁣١)، ألا وقد أنصف⁣(⁣٢) نفسه من آثر الآخرة على الدنيا، وقام في سبيل اللّه محتسبا، وإلى طاعته راغبا، وفي بلاده وعباده مصلحا، واللّه يقول وقوله الحق: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣}⁣[فصلت: ٣٣].

  وأنتما - تولى اللّه توفيقكما - ممن له من المعرفة حظ يؤديه إلى المصلحة، ولا ينوء به عن اتباع النصيحة، وقد أدعوكما - تولى اللّه رشدكما، وأحسن فيما يرضيه توفيقكما - ومن تليان من هذه الأمة قبلكما إلى الصلاح، وأنتما فيه سواء، واللّه يقول وقوله الحق: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ٦٤}⁣[آل عمران: ٦٤]، وقد دعوت البرية من دين اللّه إلى أمر لستما عنه بخارجين، ولا في دين غيره بداخلين، لكني قد أدعوكما إلى جمع الكلمة، وألفة أهل الديانة، واللّه يقول وقوله الحق: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ...}⁣[آل عمران: ١٠٥] الآية، واللّه يعيذنا وإياكم من خلفه نكون فيها كمن ذكر اللّه تعالى بالخلاف من غيرنا، وقد أعدكما من نفسي إن أنتما دخلتما في طاعة اللّه وطاعة رسوله


(١) في السيرة: وعلانيته. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) في السيرة: أنف. وفي الهامش: أنصف. ولعله الصواب.