[كتابه إلى العساكر]
  وأنتم - أكرمكم اللّه وصانكم - فأولى من راعى ذمة وليّ، وصان ما يصون، ولستم بجاهلين لسير الأئمة، وإن جهل منكم ذلك أحد فلن يجهل الأكثرون، ولن ينكروه العالمون، وهذه العامة فهي لي رعية يسألني اللّه عن أدبها، ويسألني عن الجور عليها، وقد كانت الخطبة منهم في خاص دون عام، وذلك ممن تحت اليد تجري عليه أحكامنا، ويقهره سلطاننا، ومن كان كذلك لم يرفع عن طبقته، ولم يحكم عليه بغير استحقاقه.
  وقد بلغني أن القبائل ممن في عسكري يذكر أني أبحت من خضع للطاعة، ونزل تحت الذلة، وحاشا للّه ومعاذ اللّه أن يكون ذلك من سيرتنا أو سيرة آبائنا، بل سيرتنا أن نؤدب بالسيف من يضرب لحربنا، ولم يحتج لكتاب ربنا، ولا لسنة نبينا صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم، وسيرتنا فيمن ضمته طاعتنا، وقهره سلطاننا، وناله حكمنا، الحبس والقيد والسوط، فإن أسعدتمونا لوضع الأحكام في مواضعها، ولم تعارضوا سيرتنا فيها، ألفيتمونا لذلك غير جاهلين، وكنا لإنفاذه بكم مستطيعين، وإن لم تكونوا كذلك، وعائذ باللّه لنا ولكم من ذلك، هدّمتم بناء مكّنتموه، وأزلتم عزا رسمتموه، وكنت إذ ذلك كآبائي الذين سايروا أعوانهم في حال استقامتهم، ونزعوا أيديهم عنهم عند مخالفتهم.
  فاتقوا اللّه ولا تبطلوا أعمالكم، ولا تخالفوا سيرة إمامكم، ولا تعصوا أمره، ولا تطلبوا منه طاعته، واذكروا قول اللّه سبحانه لأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}