مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن يعقوب]

صفحة 229 - الجزء 1

[كتابه إلى أبي عبد اللّه الحسين بن أحمد بن يعقوب]

   تمتثل يا أخي يا أبا عبد اللّه الحسين بن أحمد بن يعقوب في القضاء بين الناس والنظر بين الخصوم، أن تجعل تقوى اللّه نصب عينيك، فإن تقوى اللّه من جعلها له جنة ورعاها حق رعايتها، دعاه ذلك على التيقظ من الغفلة، والاحتراس من الذلة، ولم يأمر عبد نفسه عن التقوى والورع في الدنيا فزلّت به قدم إلا ثبته اللّه بقدم، والناس يحبون من اتبع أهواءهم، ويثقل عليهم من حملهم على الحق وإن ساءهم، فإياك أن تتبع في حكمك الهوى، أو تضاهي من أمورهم الدنيا ما لا يبقى، فإن اللّه أدّب نبيه داود صلى اللّه عليه، فقال ø: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[ص: ٢٦].

  وإذا وقع بين يديك الحكومة واستمعت الخصوم، لم تعجل بالحكم حتى يحل ذلك في فكرك، ويستنصح نظرك، واللّه يوفقك ويرشدك، وكل حكم يتنازع فيه الخصوم، فجملته الدعوى والشهادة والهبات والإصلاح، وكل مدع فعليه البينة وعلى الجاحد اليمين، ولا يطالب حائز المتاع ببينة، وإن كانت معه لم يحكم له بها، والحوز أولى من البينة، إلا حوز الوارث والشريك، أو ما ينشى الخصمان فيه من الحوز، فإن هؤلاء الثلاثة يطالبون بالبينة كلهم الحائز والمحوز عليه، والشهادات فلا يصح منها إلا من قال له