مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتاب له أجاب به على يوسف بن يحيى بن الناصر]

صفحة 236 - الجزء 1

  العدل والأحكام، وعزلتهم مما كانوا فيه من معاصي اللّه، ورزقتهم على ذلك، وآثرتهم على نفسي، ثم ترون⁣(⁣١) أفعالهم، فأنا أرد جواب هذا النسخ.

   وصل كتاب سيدي الإمام أطال اللّه بقاه، وحاطه من الأسواء وتولاه، لغير ما جرت به عوائده، فغمني ذلك، وإن كنت لم يسقط عني أنه غير راض بموقعي من هذا الأمر، إلا أن اللّه يفعل ما يشاء، وقد عتب في كتابه عتبا كثيرا لو كان في موضعه لما عنى، وذكر مني إخلافا لما وعدته وادعى في ذلك ما لم يكن، وهذا حال يقبح من مثله، ويؤثمه عند ربه.

  ولا بد أن أعرفه بما لا يجهل، هو يعلم أدام اللّه توفيقه أني كتبت إليه مع أحمد بن خالد من الحجاز، فأسمعه ورد كتابه لم يضع عليه يده، فلم يعطفني ذلك عنه دون أن ثنيت إليه بكتاب فرده، ثم بعثت ابن الدقيق بكتاب ثالث فرده، ووجهت بدعوة فأمر بموصلها أيده اللّه وهو ابن شبيرة فحبس حتى حصله ترابي الشوك، ثم أجارته قوم يريدون وجه اللّه، فهمّ بالعدوة عليهم، حتى لزمه عن ذلك من لزمه، ثم وصلت من الحجاز فكتبت إليه بأجمل خطب، ودعوته إلى ما دعاه اللّه إليه من صلاح ذات البين، فدافع عن ذلك وراصد بجواري عليه القبيح، فعذلني عن طريقي، ومضيت وخلّيته ولم أدع ملاطفته ومكاتبته بألين القول وأحسنه وأجمله، وما يزيده ذلك إلا بعدا من الصلاح، حتى وصلت بعسكري فأقمت في ذلك أردد إليه وألطف به، ولا يزداد إلا قسوا في البعد عليّ، والكراهة لما عرضت عليه من حكم ربي، حتى كان آخر أمره أن قال: يأكلني الأسد خير من أن يأكلني الثعلب، وأرسل وجوه


(١) في السيرة: يرون. ولعل الصواب ما أثبت.