مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى مخلاف من مخاليف دولته]

صفحة 240 - الجزء 1

  وأهل الدنيا ممن تعلق بي يثقل⁣(⁣١) عن التصرف فيما يقوّم أود الإسلام، يرون أنهم إذا أخرجوا القليل مما أوجب اللّه عليهم أنهم قد قاموا بما يلزمهم، وليسوا مع ذلك بمخرجيه إلا وهم طالبوه، فهم كما قال اللّه ø: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ ٥٨}⁣[التوبة: ٥٨].

  فهل هذا عندكم مما أوجب للّه وسنّ رسوله؟ فمن أين تصح السلطنة لمن هو فيكم سلطان؟! وأنتم به كذلك ملتمون، وعلى معاشكم مقبلون، وعن دعوة من دعاكم لما يحييكم متثاقلون، أبينوا لنا وجه العذر فيما أنتم فاعلون، ولن تجدوا إلى ذلك سبيلا، والحمد للّه رب العالمين.

  ولا يزال يبلغني ممن يظن بنفسه الظن السيئ أنه يقول: لم يعطنا هذا الرجل ما يجب لنا، وهو له مخزون في خزائنه، أجل ما بقي عما أخذتم إلا القليل الخبيث فيما هو بين أظهركم، لمهمة إن أهمتنا وأهمتكم، أجل لو كان مرادنا كالذي تظنون بنا لكنا قد نلنا ذلك من غير الوجه الخسيس الذي أسندتم إلينا، وكفى باللّه بينا وبينكم حكما، وعلى الجميع منّا مطّلعا، والآن فإن كنتم أهل استقامة فأوفوني حق السلطنة وأوفكم حق الخدمة، وأسير بكم في أرض اللّه، واعلموا أنه لا يصلح لنا استقامة الأمر بالمعروف، إلا بتجرد للكون معي منكم يا كافة أهل طاعتي، مائتي فارس معدة من أفاضل كل قوم وأخايرهم، وأهل البيوتات المقدمة فيكم، تقيم بمقامي حيث أقر، وتسير


(١) في السيرة: بثقل. وما أثبت اجتهاد.