مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى مخلاف من مخاليف دولته]

صفحة 241 - الجزء 1

  بمسيري حيث أسير، ومعها خمس مائة راجل ممن له عزم وهمة، أجعل جراية كل من صار إليّ من ناحية من النواحي من بلده الذي يخرج إليّ منه، وإذا أراد إنسان ممن ذكرت الانصراف عن حضرتي لبعض ما يعنيه وجه لبعض من يليه فأقامه مقامه، وكانت جرايته للذي يخلفه التي كانت تجرى له، وتكون هذه الرابطة معي كافية مع من يحل بأرضه، فإذا ألمت ملمة في بعض المخاليف سدرت بمن يكون معي، واستعنا بمن ننزل عليه من أهل الطاعة على من يكون منه الخلاف، ورجوت إذا كان الأمر كذلك أن تستقيم الأمور، ولا يجري فيما نلي محذور.

  وهذا فالوجه الذي لا يستقيم الأمر إلا به، فإن كان ذلك فها أنا حاضر بين أظهركم، قريبا غير بعيد منكم، إن أسعدتموني فيما قد رأيت فيه الصلاح، وإن لم تسعدوني فيما ذكرت وكانت بينكم كالذي واجهت ونظرت، فأنتم المقصرون لا أنا، واللائمة عليكم من كافة الأمة لا عليّ، فانظروا في أموركم ثم أوردوا علي ما يكون من عذركم، فإنكم إن أقمتم في سبيل اللّه، ونصبتم لأعداء اللّه، كنتم بذلك أحظى، وكنا في ثواب اللّه وعز الدنيا معا، وإن زهدتم في ذلك وملتم إلى الخفض والراحة وإصلاح أموالكم فإنا بذلك أدنى منكم، فنحن بحمد اللّه مفضّلون بمعرفة خير الدنيا والآخرة منكم، وأخص في جميع الأمور بالهداية.

  وقد نعلم أن الأمة لا تجتمع على ضلالة لا بد أن يكون من الناس من يستلزم بعهدي، فمن كان بالعهد ملتزما فليبد وجهه، ولا يبقى لغيره، فإن اللّه يقول وقوله الحق المبين: {ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ