مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى العلويين باليمن]

صفحة 245 - الجزء 1

  فأنكر ذلك علينا الأولياء دون الأعداء، وقالوا: أطعم هذا الرجل أهل بيته زكاة العامة وهي محرمة عليهم، فلم أجبهم في هذا المقال لعلمي منه بمثل ما علموا⁣(⁣١)، وعذرت نفسي في ذلك لحاجتهم وخدمتهم، فأجريت المحتاج مجرى من عدم الميتة، وأجريت الخادم مجرى من يجب له في كلفته الإجارة، ورجوت أن يقبل زمانهم ببعض ما نأمل ويأملون، فيكون لهم من المأكل المذموم عوض مما يفيد اللّه من أرزاقه وأرفاقه، ثم التزمنا من هذه الزكاة بملتزم يحل من هو عليه بتسليمه، فالتمسنا استخراجه فعسر علينا إلا بالكشف عما خفي، والأخذ مما ظهر في أيدي هذه العامة التي قلّت بصفتها لنا ولأنفسها، فآل بنا الحال إلى مثل ما آل بالظلمة إليه من قبح القالة، فأخذنا القليل ممن يجب عليه الكثير، فلم يقض ذلك للإسلام حاجة، ولم ننج منه من معتبة، وقصدنا صاحب المال لواجبنا عليه، فلم نصبه وأصبنا من الواجب لنا عليه من ضعفة المسلمين، ومن لم يجعل اللّه عليه واجبا نطلبه منه ولا غيرنا من العالمين.

  ثم اعلموا يا أهل بيتي أني لا أجد منكم بدا وأعلم أنكم كذلك، وكذلك أمة جدنا صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فلن يجدوا منا بدا ولن نجد منهم، ولو لم يكن ذلك لكنت من بين الأمة كلها في موضع يترك من كان بمثله، إذ كان ذلك رأس جبل لا يحسد عليه من كان به، لا يخشى من أذية من كان فيه، فلم تذرني الأقارب والأباعد حتى أخرجوني منه فخرجت من


(١) في السيرة: عملوا. وفي الهامش قال: لعله: علموا. أقول: هو الصواب.