[كتابه إلى أهل الطاعة]
  وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ٢١٦}[البقرة: ٢١٦]، صدق اللّه العظيم وبلغت رسله الكرام.
  أجل لقد نجد في طلب الراحة من المضار ما لا نجده في العز والامتناع والصبر على محبة القتال، فاللّه اللّه عباد اللّه قوموا في سبيل اللّه، وانفروا إلى من أراد بكم الفتنة، وبغى لكم الفرقة، فما بعد ما جرى من معذرة في ترك فنترك، ولا في حلم فنحلم، ولا في صبر فنصبر، واللّه يقول وقوله الحق: {وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩}[الشورى: ٣٩]، وكونوا رحمكم اللّه من المنتصرين، وادخلوا في مدحة رب العالمين، تكونوا عنده بذلك من الفائزين، فقد بغى لكم هذا الغوي الفاسق الفرقة، وباع دينه وعهده وعرضه بأخبث المآكل الدنيئة، وإن أراد بذلك صدكم عن المطلب الذي أنتم بالغوه من غزاة أخويه العبدين الفاجرين بحول اللّه وقوته، فمن كان منكم راغبا فيما رغّب اللّه فيه البرية من بذل أنفسهم وأموالهم في سبيله فليقم في هيئة سفره، وليتزود لنصف شهر، وليكن مصيره إلى ليلة الهلال هلال ذي الحجة ففيها تنصرون، وعلى جميع أعدائكم تؤيدون، وفي الغزاة في شهر ذي الحجة من الأجر(١) أفضل ما فيها من الحج والسبيل الأعظم، فهو السبيل الذي ندبنا اللّه إليه، وأمرنا فيه ببذل الأموال والأنفس، فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ
(١) في السيرة: الأجل. ولعل الصواب ما أثبت.