[كتابه إلى أهل البيعة في أقطار اليمن]
  رَبِّنا لَمَفْعُولًا ١٠٨ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ١٠٩}[الإسراء: ١٠٥ - ١٠٩]، فكونوا رحمكم اللّه بهذه الصفة، تنالوا بذلك درجة أهل الدين والمعرفة.
  ألا وقد جمعنا وإياكم من طاعة اللّه ربنا، والقيام في سبيل خالقنا، ما جمع الصالحين من قبلنا، فاقفوا بنا آثار أولئك ننل ما نالوا من ثواب ربنا، ويبقى لنا من الذكر الجميل ما بقي لأولئك منا.
  ولكل عصر قائم يظاهره عليه أخاير أهل عصره، ويوالونه عليه من دون أهل دهره، قال اللّه وقوله الحق: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ٦٨}[آل عمران: ٦٨]، وقال معرفا بما خص به نبيه من معرفة الحكم بين من بعث إليه من أهل عصره: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ٦٥}[النساء: ٦٥]، ألا وقد أصبحت وأمسيت القائم(١) فيكم، والحاكم بحكم اللّه بينكم، والمفقّه لكم في أديانكم، والمتولي لصلاح ذات بينكم، وقد اتبعتموني غير مكرهين، وآمنتم بمقامي غير مجبورين، وتلقدتم(٢) ببيعتي غير مقصرين، فقلّ من التزم بما يجب عليه، أو أحاط بما دخل فيه، أو سارع فيما دعي إليه
(١) في السيرة: والقائم. والصواب ما أثبت.
(٢) في السيرة: وبلقديم. والصواب ما أثبت.