مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أهل البيعة في أقطار اليمن]

صفحة 256 - الجزء 1

  ، كأن لم تسمعوا لقول اللّه تعالى في أهل البيعة، إذ يقول عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ١٠}⁣[الفتح: ١٠].

  ولقد نكث منك يا أهل بيعتي بشر كثير، فممن نكث وهم الأكثرون قوم أطاعوني الأمر، وقوم أسرّوا الغدر فأظهروا فعلهم الشر، وقوم أجنوا بالجنايات، وثقل عليهم أداء الزكوات، فما معذرة قوم نكثوا أيمانهم فيما خبثوا عليه في وطء من طلق من زوجاتهم؟! وعتق من عتق من عبيدهم وإيمائهم، وسلب من أموالهم، كي يعرف عذرهم⁣(⁣١) من قبل استباحة ما قد عاد للّه من الأموال، وصرف من عتق عن الرق والأعمال، وإخراج النسوان ممن حرمن عليه بالحنث وسيّئ الفعال؟!

  أجل لا معذرة لمن عصى اللّه في أمره، واستحل المحارم بكفره، وأظهر للبرية ما كان مكتوما من سره، أجل لقد هلك وأهلك من أتى غير ما عاهد اللّه عليه جهرا، وأصبح وأمسى خائنا قد أتى غدرا، وباللّه قسما أصدق فيه، ولا يعلم اللّه مني حنثا عليه، لولا أن الظن أن هذه البرية أتوا ما جهلوا، ولم يعلموا ما فعلوا، وأن من البرية من لا معذرة لنا في تركه، من قبل إبلاء المعذرة في أمره، لنزعت يدي من أيديهم، ولكان لي في ذلك العذر في ترك ما يجب عليهم، لكنه لا بد من تمام الحجة والإبلاغ فيما يجب عليّ للّه،


(١) في السيرة: غدرهم. ولعل الصواب ما أثبت.