مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أهل البيعة في أقطار اليمن]

صفحة 257 - الجزء 1

  ولولا كثرة من عرفناه بما ذكرنا على الإخفاء لأسميناهم بأسمائهم، ولولا ما لا تخلو البلدان منه من أوليائنا لأسميناهم ببلدانهم.

  ألا وقد جعلت اللّه بيني وبينكم يا أهل بيعتي حكما وشهيدا يوم نصير⁣(⁣١) إليه، وتجتمع البرية لديه، يوم {تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ٢٨١}⁣[البقرة: ٢٨١]، أي أهل البيعة إنه لولا أن تكون الحجة لكم علي، والمعذرة إلى أهل الدنيا لي، لفارقتكم من قبل أن تفارقوني، ولتركتكم من قبل أن تتركوني، وعلمت أن اللّه ينتصر لنفسه كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧}⁣[الروم: ٤٧]، وقال سبحانه: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٦}⁣[الأحزاب: ١٦]، ولقد ابتلى اللّه البرية ليميز أهل الطاعة من أهل المعصية، فلم توجد الطاعة من كل أهل عصر إلا في أقلّهم، قال اللّه سبحانه وتعالى: {ألم ١ أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ٢ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ ٣}⁣[العنكبوت: ١ - ٣]، فالبلوى رحمكم اللّه تنقذ أهل الدنيا جميعا وتميز بينهم وبين كل امرئ منهم، حتى يعرف بذاته ويستدل عليه


(١) في السيرة: تصير. ولعل الصواب ما أثبت.