مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى كافة ولاته باليمن]

صفحة 267 - الجزء 1

  واللّه يا بني جدي ما زالت العشائر على أجود استقامة، حتى طلعت البون⁣(⁣١) فكان مطلعي ذلك بهلاك الأرض وأهلها، وخبرت العشائر كلها بظنهم أنني آثرت بالعطاء أهل البون ولم ينالوا خيرا، ثم قد وكلوني إليهم، فهذا من النقلة والإعراض ما لم أكن أقدر، وما يدخل المضرة في ذلك إلا عليهم لا عليّ، ولقد بلغني أمر لهذا العبد⁣(⁣٢) معهم معاملة مع مقدمتهم أن يثقلوا بالناس، فما صدقت بذلك حتى الآن، فقد رأيت ما حقق لي هذا الخبر، فأسأل اللّه من فعل ذلك أن يثيبه الذل والفتنة، والحرب والمحنة، وأن يهلكه هلاكا عاجلا، إنه على كل شيء قدير، وبكل شيء بصير.

  فأنا أنشدكم باللّه وبقرابة رسوله، وبحق أبويكم من علي وفاطمة أن تقيموا ساعة واحدة بعد بيان المعصية، أو تأخر من يخرج في هذه الندبة: ربنا عليك توكلنا {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ ٨٩}⁣[الأعراف: ٨٩]، ومن اعتذر بي في مخرجه يطلب رزقه، فعرّفوهم أن الذين يطلبون من أسباب الفساد في الأرض، وأنه لا رزق عندي إلا لمن سار مسيري وصابر ورابط، فذلك الذي يرزقه ما فتح اللّه به عليّ وعليه، وإن لم يفتح اللّه فتحا ننال منه نفعا فما عند اللّه خير وأبقى، وحسبي اللّه وكفى، وظني بربي خير ظن.


(١) البون: منطقة شمال صنعاء.

(٢) في السيرة: للعبد. ولعل الصواب ما أثبت.