مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى الجنود والرعايا الذي تخلفوا عن السفر]

صفحة 275 - الجزء 1

  القضاة، ولا أعوان لهم على ذلك إلا أهل البصائر من علماء الأمة، إذ هم من المعرفة بموضع القضاة منها، والواحد لا يتعرّى من الغلط، وغلط القضاة من أضر الأشياء على الأمة، لأن بذلك تذهب الأموال وتباح الدماء، وتركب الدهماء، وتوطأ بذلك من حرم اللّه وطأه من النساء.

  فأولى الناس بالتثبيت والاعتوان القضاة، وإن وقع خلف بين الجميع واشتبه الأمر عليهم، وجب عليهم رد ما اختلفوا فيه إلينا، وكان تفصيل ما اشتبه من ذلك علينا، وهذه السيرة ففي خاص هذه الأمة وعامها، لتصون من الباطل أموالها ودماءها ومناكحها، واللّه يوفقنا وإياهم لما فيه الصلاح بمنه وطوله.

  وأما السلاطين سلاطين البلد الذين⁣(⁣١) نقصدهم رجلان، رجل دخل معنا ليعلم فعلنا في أنفسنا وفيمن يتصل بنا، والآخر فقد استوقفنا وتربص بنا، فأما المحب للخيرة فذلك إن رامنا صلاحا متصلة ففلاح، وقولا يغلب، وعقدا لا يحمل، وفعلا يحمل، فأحرى بذلك أن يصل نفسه بأنفسنا، كما وصل حبله بحبلنا، وإن رأى غير ما ذكرنا سفّه رأينا، ونزع يده من أيدينا، وعذر نفسه فينا.

  وليس من السلاطين من قد دخل معنا بما ذكرت إلا الأمير أبو جعفر أحمد بن قيس، فراعه منك بعين الصيانة، واعرف بالوفاء والأمانة وحوّطه الذمة، ثم اجعل له منك نصيب من له هذه الصفة مع ما له من السابقة.


(١) في السيرة: الذي. ولعل الصواب ما أثبت.