مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى الجنود والرعايا الذي تخلفوا عن السفر]

صفحة 276 - الجزء 1

  واعلم أن الملوك نشئوا في النعمة، وألفوا من الخاص والعام الكرامة، ومتى ورد على أمر غير ما يعرف كرهه، وعادى من عنه حرفه، كما قال النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «من عرف شيئا والاه، ومن أنكر شيئا عاداه»، فاجعل منك حظا وافرا لهذا الأمير، وأنصفه من نفسك كل النصفة، واعرفه بكريم أفعاله كل المعرفة، فإنه لم يوسطني⁣(⁣١) أحد من الملوك ما وسطني من داره وعشائره، وذلك محال له جزاء وشكر.

  ولا يستغلطك منك قول قائل: إن له في المدخل حظا معنا ليس لنا مثله، فلا حظّ له في ذلك إلا حظ الآخرة، وليس بجاهل بأهل عصره، ولو لم يكن له ورع دعاه إلى مدخله معي، لأخذ الأموال من هذه الأمة كما قد يعمل السلاطين، وأصلح بها أحوال رجاله، ولم يطلبوا منه غير ذلك، ولم يستبدلوه سوه⁣(⁣٢)، واللّه يوفقك لما فيه الخير.

  وأما سائر السلاطين من قبلك فهم أربعة:

  أحدهم: المنتاب بن إبراهيم، وسبأ بن عبد الحميد، وأسعد بن أبي الفتوح، وإبراهيم بن نزيل.

  فأما سبأ والمنتاب وإبراهيم، فقد دخل هؤلاء على ما في أيديهم، والكل قد دخل معنا مدخلا لم نر بيانه، ولا بد أن نختبر كل أولئك، ونذكر ما قد أوجب لنا على نفسه: {وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}


(١) في السيرة: توسطني. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) في السيرة: يستبدلونه سواء. ولعل الصواب ما أثبت.