[كتابه إلى الجنود والرعايا الذي تخلفوا عن السفر]
  (١٠) [الفتح: ١٠]، ومن وفي ذلك ولنا بما بذل من نفسه فصنه، وأعدل عنه جميع من يطلعه أذى منه، ومن لم تر منه وفاء فانظر بعين الغدر، واستدن من قد بعد من أعداء أولئك، وإن عزمت على مكافأة أحد منهم على شيء، فلا تنفذ ذلك حتى تجري المشورة بيني وبينك فيه، بما يعود بالمصلحة إن شاء اللّه تعالى.
  وأما ابن أبي الفتوح فبيني وبينه مكافة، وكف عني من كف عنك، وإن بلغنك منه قول أو أتى منه ما لا تريد، فلا تعجل في أمره ما وجدت إلى ذلك سبيلا.
  وأما ابن قحطان فبينه وبين صاحبي مكافة فارع منه ما رعى، فقد ودعته(١) بذلك من نفسي، فأنجز موعدي، وحط في الحضرة والغيبة قولي.
  وأما الطبقة الثالثة فهم الجنود، ولا عماد للسلطنة والقرى إلا بهم، فأحسن لهم منك المقال، وقرّبهم ولا تبعدهم، وأصلح ذات بنيهم، وكن حريصا على استخراج أموال اللّه لهم، واستعن بهم على ذلك، ويدني ديوانهم على حوائجهم، فإذا أعطيت كل رجل منهم ما يجب له، وأمكنك لهم أو لأحد منهم نفع فلا تؤخره عنه، موفقا إن شاء اللّه تعالى.
  وأما العشائر فلا يزال يجري بينهم ما يكون بين الناس، فأصلح ذات بينهم، وخذ على أيدي الجميع منهم، وامنعهم أن يجروا الفتنة بينهم، فإن
(١) كذا في السيرة. ولعلها: وعدته. واللّه أعلم.