مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى الجنود والرعايا الذي تخلفوا عن السفر]

صفحة 278 - الجزء 1

  فتن العشائر تزري بالسلطنة، ومن احتجب إلى استئلافه منهم فاستألفه، ولا تجعل لأحد إلى خلاف سبيلا ما استطعت، واللّه يوفقك لما فيه الصلاح.

  وأما التجار فالغالب عليهم قلة الأديان ودقة النظر، وهم مع ذلك كمال قال علي #: «أوتاد المدن»، فأحسن العناية بهم، وخذ أهل الحسبة بتفقدهم في بيوعهم ومكايلهم وموازينهم، وحذّرهم الربا فإنه ما حق لهم، والغش فإنه محرم عيهم، وقد قال صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «ليس منا من غشنا»⁣(⁣١).

  وأما الصناع فاجعل لأهل كل صناعة محتسبا عليهم يتفقد أعمالهم، ويأمرهم بإحكام ما يعملون، ويحذرهم إدخال الفساد فيما يصلحون، وليكن أخص أولئك بالافتقاد من يلي الذهب والفضة، من الصّاغة والضّرابين.

  وأما حشو العامة فأكثر خيانتهم في المكايل والموازين، فاجعل المحتسب عليهم يدا في افتقاد ذلك، ومن وجد فيما يلي أحد منهم فسادا أحسن أدب المسئ في ذلك، وعلى الرفث والقرانف والمقاتلة وما لا يتعرى منه حشو القرى، وسفساف الناس، فلا تغفل أولئك فإن أصول فساد المدن منهم، وما قامت به البينات مما يوجب الحدود في قتل أو جراح أو سرقة أو شرب خمر، فلا تعجل بإنفاذ شيء من ذلك حتى يصح لك فيه البينات، بحقيقة الصحة وابتلاء الشهود، ثم تعلم أن من قام مقامك كثر نصبه، وضاق بالناس


(١) أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ٣/ ٤٦٦.