مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى الجنود والرعايا الذي تخلفوا عن السفر]

صفحة 280 - الجزء 1

  الأمير عليهم أن تقاتل وتشتغل بالقتال عن تدبيرهم، فإن قتالك ينوب عنه أدنى رجل من الجماعة، وليس ينوب مقامك فيهم غيرك، لأنك إذا اشتغلت بالقتال أضعت تدبير العسكر، وإن نالك سوء أهلكوا كلهم بهلاكك، وإن لم تجد من القتال بدا أقمت لهم أميرا يهلون إليه، بعد موافقتهم عليه، ولا جرم إن لم يشتغل بتدبير رجالك بقتال ولا بغيره ما استقرت أقدامهم، وتقدّم للعدو أقدمهم حتى يستمكن بهم من عدوهم، ثم احمل بنفسك فيهم فإن ردوا وجوههم بعد حملتهم قبل أن ينالوا من عددهم ما يحبون، فأثنهم للحملة ما استطعت، وقاتل على أعقابهم، وأوقف العدو عن إرهاقهم حتى تنقلب وجوه أصحابك إلى عدوهم، ولا تزاحف قوما حتى يعرف أصحابك شعارهم، ويتفقون على رأيهم في حال حملتهم وحال رجعتهم، فإن ذلك من أعون⁣(⁣١) ما يستعينون به على عدوهم.

  وإذا أردت أن تعرف الرأي الذي يتبين لك ضياؤه، ولا تقصد إلا إياه، فأحضر رجال الرأي وأمرهم بالمشورة، واستمع لأقوالهم، فإذا أشاروا ووقع من رأيهم ما يتفقون على سداده، فانظر من أين تدخل على ذلك الرأي وما يعلّه، فإن وجدت شيئا فيه يفسده، أو علة تعوقه تركته، وإن لم تجد له علة ولا عليه مدخلا يفسده، فخذ به من بعد تقديم الخيرة، فإن من استخار اللّه لم يعدم من اللّه ما سأله.


(١) في السيرة: أعوان. ولعل الصواب ما أثبت.