[كتابه إلى المتخلفين عن السفر معه إلى نجران]
  يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ١٧٤}[آل عمران: ١٧٣ - ١٧٤]، والحمد للّه الذي وهب لنا ولأوليائنا، ما وهب لأهل الفضل من أسلافنا، وقد كان يا إخواننا من تخلفكم ما لم نلمكم عليه، ولم نسئ بكم الظن فيه، لكن لومنا لكم لأنفسكم، ولما يؤثر عنكم من تخذيل من يرغب في الحظ الأوفر، وسارع إلى اللّه العلي الأكبر، وقد أرجو أن لا يكون ذلك، وكيف وأنّى يكون من هو من الصد عن سبيل اللّه، وهو يعلم نهي اللّه عن ذلك، إذ يقول عز من قائل كريم: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ١}[محمد: ١]، ويقول عز من قائل كريم فيمن آمن وصدّ عن سبيله من أهل عصرنا: {... يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٣٤].
  فيا له من ذنب ما أعظمه! وكيف لا يعظم ذنب من زهد فيما رغّب اللّه البرية من القيام في سبيله، والإصلاح لعباده وبلاده؟!
  أجل لم يعزب حق ذلك إلا على من لم يعرف حق فضل نعمة اللّه عليه، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}[الشعراء: ٢٢٧].
  ولقد عظم عليّ هذا الأمر، فأكذبت أن يكون من مؤمن مثله، فأما الذين قد فتنت فيه وأيقنت من كافة أوليائي، فترك المعذرة عن التأخر بترك مواساة أنفسهم بنفسي، فلو قد اعتذر من قعد بمسير من سار لكان في ذلك