مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أبي الحسن القشيبي]

صفحة 290 - الجزء 1

  إلى كافة من حضر مجيبا لدعوتي، ومن هو حاضر حضرتي، وباني يرعى طاعتي، ويقر بيعتي، سلام عليكم أيها الأولياء، والشيعة الأصفياء، فإنا نحمد اللّه إليكم حمدا كثيرا عن جمّ من نعمه علينا، وجزيل من إحسانه إلينا.

  أما بعد: أكرمكم اللّه بأسنى كرامته، ولا سلبنا وإياكم ثواب طاعته، فقد لزمكم من طاعتنا ما لستم بجاحديه، وبالقديم من ذلك فرضا أنتم غير مؤديه، فهل تستقيلون من أمر حرم حلالكم تألونا عن أدائه؟ أم يصرون على حنث لم يعلموا بكنه انتهائه؟ أم يقولون إنكم عقدت بيعتكم لرجل خالف الحق وليس من أوليائه؟ فبتلك إن صحت لكم تعتذرون، وفي تلك ما كان كذلك لا تعيدون، أم تستقيلون من بيعتكم؟! فأنتم من بيعتنا مقالون، أم تعاملوننا بغير وفاء ولا حجة فلسنا لذلك منكم وامقين.

  ألا فلينبئ الحاضر منكم عن الغائب، فمن بدر منكم يا أهل بيعتنا مقدم قوم إلا أحضرناه، وذلك من بعد أن بان لنا حال كل من عاملناه، أنكم - تولى اللّه رشدكم - بدأتم بأمر لم نذمه فانقاد لذلك كل أمر مستصعب، والتأم كل شتات متشعّب، حتى غيظ كل منا بصاحبه، ورجاء البرية أن يفوت ذا منكم بما فزتم به، فبينما أنتم كذلك إذ نقضت أموركم المطامع الدنية، وأن خلدتم إلى الدنيا الفانية، فجعلتم طلب المعدوم، سببا على الأمر المذموم، فقال كل قوم منكم: ارزقنا في بلداننا، وصنّا في أوطاننا، وإن أردت الإصلاح بنا فصل أيدينا بديواننا مع كثرة التعب، وإظهار الغضب، أجل لو تم ما بدأتم به حتى تصلوا أيدينا ببلد تنال فيه الأيدي طلبتكم، لكنا لذلك باذلين، وإلى محبوبكم فيه مسارعين، وإذا لم تسعدوا لذلك وقصرت هممكم من ذروته،