مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أبي الحسن القشيبي]

صفحة 291 - الجزء 1

  فلستم إلا كرامي الغرض يقصر سهمه عن بلوغه، ولكم فيمن كان قبلكم أسوة ولنا، واللّه يحكم لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب.

  ألا وقد حضر من كل قوم من يعتمد عليه من همداني وخولاني حواضر نابوا عن عشائرهم في اتصالنا اليمن، فلينوبوا عنهم في فسحنا من هذا الأمر، وليتسببوا اتصالنا، ففي ذلك عوض من قبح القالة، فلم يعد لنا مقام في بلد بانت فيه المعصية بعد الطاعة، والشتات بعد اجتماع الجماعة، ولكل جديد بهجة تخلق، وفي كل خلق متعة، خلا الإنسان فإنه إذا خلق لم يستمتع به، ولا سيما إذا كان فيهم سلطانا.

  ولو كان مقامنا أكرمكم اللّه لدنيا وما فيها، لما عدمناكم رضاكم فيها، لكن أبى اللّه ذلك لمن قام مقامنا، وإن لنا ولكم لحقّا ما ننال منه إلا أقله وأخبثه، فينالنا على ذلك من أقوال الظالمين، ما يقطع أعراض المؤمنين، ويخرج من اسم الدين، ولا مقام على العيب بعد المحبة، ولا على الغضب بعد الرضاء، وقد كنت أحسب أنكم خاصة يا رجال بكيل ووادعة، انه لا يبدو منكم مثل ما بدا، وأنه إن نال الجنود والمؤلفة شيئا من حطام هذه الدنيا، إنكم ترضون فيّ مقتسم لديكم، إذ اخترتكم في السّكنى، فلم أجعل منزلي لمقامي إلا بينكم، ولا أجعل أقرب الأولياء ولا أخصهم لي من غيركم، فإذا كانت النكرة قد بدت بعد المعرفة، والتباعد بعد الألفة، والتعتب بعد النصفة، فأنتم أولى من أوصل ابن نبيكم بصرف جميل يحسن به وبكم، ولن يعدمكم اللّه الصواب وما يصب إليكم فيه، والسلام عليكم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.