[كتابه إلى أهل نجران]
  وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها ...}[آل عمران: ١٠٣] الآية، وأنتم رحمكم اللّه فاذكروا نعمة اللّه عليكم، وما وهب لكم من جميع عوافيه بكم، وما لا يزال دائما يسدي به إليكم، فبذلك يجب عليكم شكره.
  وقد جمعكم واد لستم لقديمه ولا لحديثه بجاهلين، ولا بمعرفة ما كان عليه بمنكرين، وإن أنكر ذلك منكر فلا ينكره إلا من لم يحظ بمعرفة ما تناسخ العلماء من العلم، والحديث المأثور عن نبيهم صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم، ومن وراء ذلك ومن بعده لا اختلاف بين أحد من علماء أمة نبينا صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم أن هذا الوادي كان ملكا للنصارى غير منوط به سواهم، وأنه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ألفي العرب بأسرها على دين الشرك خلا المتنصرة من ربيعة الفرس(١) بنجران والجزيرة، وكلا ردّه على دينه كرها، خلا هذين الحيين فكلاهما امتنع يومئذ في موضعه، وقاتل على بلده ودينه، فصالح كلا الحيين عن نفسه، وعما في يده، فأما نصارى الجزيرة فترفعوا عن الجزية فطلبوا أن يضاعف الزكاة عليهم ضعفين، فعاملهم صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم على ذلك، وشرط عليهم أن لا يصبغوا(٢) أولادهم، يريد: أن لا يدخلوهم في دينهم، فلم يقولوا بذلك، ولم يسألوا عنه على هذه الغاية.
(١) ربيعة الفرس: هم ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. انظر التعريف في الأنساب للأشعري.
(٢) في السيرة: لا يضيعوا. والصواب ما أثبت.