مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى المنصور بن أبي روح]

صفحة 316 - الجزء 1

  برحمته، وهو يتحرّى رضاءه ولا يدخل فيما شاءه، فلما رأى الإمام ذلك منهم وعزمه على الرحيل عطف عليه، وقال له: اكتب له كتابا لا يتعدّى ما يرسم لنا ولا يتعداه، فكتب الإمام # بشريطة الطاعة ووكل عليه الاستقامة، ولا يقبل منه أبدا صرفا ولا عدلا.

  وكان الإمام # كذلك حتى بلغه جواب كتابه إلى بني الحارث منهم، نسخة كتابهم:

   وصل كتاب سيدنا ومولانا، وفهمنا جميع ما ذكر مما بلغ من جهتنا ومن الخلاف، وقد كان الإمام # ولّى علينا خادمه من غير رضاء منا، فلما وصل بلدنا سار فينا بالجفاء وأغلظ ما يكون من السيرة، وصبرنا على ذلك وملّكنا رقابنا من ملّكها سيدنا الإمام، وكنا على أعربتم حتى جاء من صبية منا ما جاء من غير مشورة ولا رضاء، ثم خرج منا هذا القائد وتبعناه وسألناه الرجعة على بلدنا وأن نحبس له ونرضيه، فلم يجبنا وسامنا ما لم يطق، وكان يسير فينا بما لا يستوجب، لا يسمع لنا كلاما، ولا يرعى منا ذماما، ولا يوقر منا شيخا، ولا يوجب لنا حقا، وقد جاء ما جاء بلا اختيار منا، وعز علينا بمفارقتك، وإن كانت بلدنا غير رعية وباللّه ما يقوم خيرها بشرها ونحن نسألك أن تعفينا على بلدنا، فإن عفيتنا شكرنا، وإن حملتنا على المكروه احتملنا ذلك وصبرنا على ما كلفتنا من المكروه.

  فقرأه الإمام # فاشتد عليه ما أبدوا من الجفاء والخلاف، والنكير عن الطاعة والانحراف، والنكث وقلة الإنصاف، فقال الإمام #