مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتاب جوابه إلى الزيدي]

صفحة 323 - الجزء 1

  واعلم أنها لم تكن عرضت فتنة إلا من الآن، وفي ذلك الخيرة، فإن كان لها قوم فالأمر بيد اللّه، وإن لم يكن الناس إلي في سبيل الطغاة، ففراقهم أقرب إلى اللّه من وفاقهم، ولم يخير اللّه لهم، مع أني لا آيس من جماعة مسلمة تجاهد في اللّه حق الجهاد، كما قال اللّه سبحانه: {يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}⁣[المائدة: ٥٤]، فعجلا عجلا، وشدّ فيما أنت فيه، فإن اللّه معنا، وقد كنت عرفتك بما طرح في أصحابي الذين استعملت في يدي الأمن من التجويز حتى غمني ذلك وساءني وأمرتك بنزعهم من العمل، وأنا أعرف أنهم أصح ديانة من غيرهم، وقد بلغني أنه ولي قوم لا يتقون ولا يذرون، وإذا لا بد من ولاية فيكن ولايتك لأصحابي، لا لأعدائي الذين يرون هلاك هذه الدولة وفسادها، مع استحلال الأمانة والحرص والخيانة، فبمثل قوم لا من هؤلاء ولا من هؤلاء يصلحون بالعمل ويوثق بهم، واتخذ أصحابي لك أصحابا لإجابتهم ومحبتهم، واجعلهم لك طلائع.

  وكذلك صنعاء فقلل مئونتها وأعرابها، واعلم أن صاحب شرطة صعدة حدث منه على من يرتفق في السوق ووفر كل شيء يقدر عليه، فلا قوام لما نحن فيه إلا بهم، ولا قوام لهم إلا بما يستخرج لهم، ولا خروج للأشياء إلا بالثقات الأمناء، والكفاة الأتقياء.

  وأنا أسألك باللّه لا سألت من سوء عن أعدائي، فإذا عرفت بهم فانظرهم بعين العداوة، ولا تخصهم منك بعناية، وانظرهم بالعين التي هم بها، ولا تمكنهم من رأيك ما يخونوا بك فيه، ولا من سرك ما لا يستأمنون عليه، وتضم بذلك عمن لا يضرك ولا ينفعك، وابسطها لمن فيه النفع والضر.