مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[دعوة عامة للجهاد]

صفحة 326 - الجزء 1

  نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ٢١٤}⁣[البقرة: ٢١٤]، ولقوله: {ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}⁣[آل عمران: ١٧٩]، فبفتنة البلوى ميز اللّه بين عباده، فأبان أهل طاعته بالصبر على ما ابتلوا فيه، وأهل المعصية بارتكاب ما نهوا عنه من معاصيه، فكاد المطيع أن يعدم لقلته، واتبع العاصي الكثير لكثرته، فقل ذلك المؤمنون وكثر الكافرون، فلم يعذر اللّه القليل عن أداء مفترضاته، ولم يسر عن العاصين ما وجب عليهم من عقوباته، فهم كما قال سبحانه وتعالى: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال: ٤٢].

  ثم إنكم يا أهل القبلة ومن يجمعه لبستم⁣(⁣١) الملة على آثار من مضى من المؤمنين والعاصين، فللحق منكم طالب الاتصال للدنيا دون الآخرة، والآخرة منكم طالب بلا عزيمة، والدنيا تستدرجكم كاستدراجها لمن فتن بها، فبأي الحزبين منكم نعمل، وعلى أيهما نعول؟! أبقوم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور؟! ولم يراعوا خالقهم ولم يخشوا معادهم، وجعلوا الدنيا وما فيها معتمدهم، مع استحلال المظالم، واستحلال الباطل، والمساعدة على ذلك، والزهد في الصلاح، والتكالب على الدنيا والتشاح⁣(⁣٢)، فهم لا يذكرون اللّه وإن ذكروا به، ولا يخافونه وإن خوفوا به، لم


(١) في السيرة: لستم. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) من الشح، وهو البخل.