مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[دعوة عامة للجهاد]

صفحة 328 - الجزء 1

  الدنيا صاغرة»، يصدق ذلك من قوله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قول اللّه ø: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}⁣[الطلاق: ٢ - ٣]، وقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى ١٣٢}⁣[طه: ١٣٢].

  ثم اعلموا رحمكم اللّه أن اللّه ابتلى بإنفاق أموالكم في سبيله، وبذل أنفسكم للقتل والقتال دون حريمه، وصلاح بلاده وعباده، ولم يجعل لمؤمن أن يأخذ على قتاله أجرا، إن لم يعطه زال عنه فرض الجهاد، بل قال وقوله الحق المبين: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ٣٨ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ}⁣[التوبة: ٣٨ - ٣٩]، وها أنتم في وقت ذلك فلا تنسوا ما أمركم اللّه، ولا تبخلوا بما رزقكم اللّه عن الإنفاق في سبيله، وقد علمتم من قوله الصادق قوله جل وعز الآية: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ٢٦١}⁣[البقرة: ٢٦١]، فأي تجارة تربح بائعها مثل هذا الربح الذي ينال فيه سبعمائة أضعافه؟! أذلك والحمد للّه غير موجود في أي دنياكم، ولا مستفاد في مكاسبكم، ولا معلوم مثله عند أحد منكم.