مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أهل اليمن]

صفحة 335 - الجزء 1

  ولد قحطان، ومن يرمي في قريب وبعيد بالأعيان، ويسمع لأفعاله بالآذان، أن يتحدث عنكم في جميع مناكب الأرض، بأن قد رد كافيكم وسري بكم، ومن ينظر إليه منكم، أصوات قوم من دونهم جدر، قد هدمتموه وأبحتموه، وعشرون فارسا استولتكم فألقتكم خفافا بأجمعكم، مرتدين على أدباركم، ناكصين على أعقابكم، غير مستنكرين لفعالكم، ولا بمفكرين فيما حلّ بكم، لهذا فعال قوم يهتدون لواضح سبيل، أو يستدلون على اللّه بدليل، هيهات هيهات!

  أتنتبهوا - رحمكم اللّه - من هذه النومة الثقيلة، وأفيقوا من هذه الغفلة الطويلة، ثم انظروا وفكروا فإنكم تجدون حين تفكرون، وتدرون حين تنظرون، أن قوما في حصنهم متحررين، وعشرين فارسا ممن يرذلون لا يطردون، فوق ألف فارس ودون خمسة آلاف راجل، وليس ذلك مما يتعارف الناس بينهم، بل أيقنوا أنكم لا تؤتون إلا من قبل أنفسكم، وفي سيّئ نياتكم وقلة رغبتكم⁣(⁣١) في خالقكم، وفيما رغبكم فيه من جهاد عدوكم، فلما علم ذلك خذلكم، فكنتم كما قال عز من قائل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ...}⁣[آل عمران: ١٦٠] الآية، لأن ذلك واللّه عدمناه وسنعدمه فيما بقي إن يكن جهادنا للّه وفيه، إذ كأنكم لم تجدوا فيما نزل اللّه في كتابه أنه لا ينصر إلا من نصره، وذلك قوله عز من قائل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ


(١) في السيرة: وقلب رعيتكم. ولعل الصواب ما أثبت.