مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى حمير]

صفحة 345 - الجزء 1

  شعثكم، فلما وصلتنا كتب مشيختكم، أوجب الرأي التوقف لإقبال سلطانكم، فلما تم المراد بإقباله إلينا، وعقد حبله بحبالنا، ندبنا ابن عمنا القاسم بن الحسين الزيدي يتوسط أموركم، والإصلاح بينكم، فذكر أنكم اتخذتموه خصما، وابتعدتم من سلطانكم، ولم تجروا صاحبنا مجرى السّفر، وأجريتموه مجرى الخصماء، وليس ذلك مرادنا فيكم، ولا قصد لكم، وإنما كان مدخله معنا كمدخل مشيختكم من مدخله، ثم قد جرت الأحوال بما لم تشاركوه⁣(⁣١)، والفوائت لا ترتجع إلا بالدنو من الصلاح.

  وها أنا أعرض نفسي عليكم سفيرا متوسطا، فإن جنحتم لذلك لا ملت عن الحق ميلا، ولا جعلت لي عن سبيله سبيلا، ولا كنت لمن عند عنه ظهيرا، وإن لم تجنحوا له - ولا نعيذكم من ذلك - فلا حجة لكم علينا، ولكم خطوط قد كتبتم فيها، ومنافع أنتم عليها، ولسنا نقصر بكم عن ذلك، فأسعدونا بالقبول في الجنوح للسلم تسلموا ونسلم، واللّه يقول وقوله الحق:

  {... وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها}⁣[الأنفال: ٦١]، واللّه يوفقكم وإيانا لما فيه صلاح شأنكم وشأننا، وقد كانت لنا رسالة ألقيناها إلى العرب وإليكم لتقفو عليها، وأنا الزعيم بما ضمنت من القيام فيها، فانظروا ذلك وردوا من الجواب ما نعمل بحسبه، واللّه يوفقنا جميعا لما هو أولى به، وهو حسبي ونعم الوكيل، والحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلم.

  ووجه مع كتابه إليهم هذا كتاب الدعوة إليهم، الذي نسخته:


(١) في السيرة: لم تشاركونه. والصواب ما أثبت.