[كتابه إلى حمير]
  ﷽ الحمد للّه الذي علا علوّه عن العالمين، وقهر سلطانه الخلق أجمعين، نحمده لاستحقاق محامده، ونجل(١) عليه الثناء لما هو أولى به، ونسأله أن يصلي على النبي وآله.
  أما بعد: فإن للّه نعما تجل عن الجزاء، وتكبر عن الإحصاء، أولها: إيجاد من خلق من خلقه للنعمة عليهم، لا لحاجة منه إليهم، إذ خلقهم خلقا سويا وركبهم تركيبا حسنا بهيا، ثم قرن ذلك من العقول بما يدلهم عليه، ويعرفهم لمنافع ما يتصرفون فيه، ثم أكمل الحجة على من خلق برسله، إذ بعثهم مبشرين برحمته(٢)، ومحذرين ومنذرين لعقوبته، فلم يذر الخلق مهملين، ولا بالجهل معذورين، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال: ٤٢].
  ولم تزل البرية مع عموم نعم اللّه عليهم، وترادف آلائه لديهم، للنعمة كافرين، وللرسل جاحدين، ولما أوجب اللّه مضيعين، وبذلك أخبر اللّه عنهم، فقال وقوله الحق: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ}[غافر: ٥]، وقال: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ١٤}[ق: ١٤]، وقال لنبيه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: {فَإِنْ
(١) في السيرة: ويحل. والصواب ما أثبت.
(٢) في السيرة: بحرمته. والصواب ما أثبت.