[كتابه إلى حمير]
  كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ ١٨٤}[آل عمران: ١٨٤]، ولم يذرهم سبحانه من رسله مع علمه تكذيبهم لإثبات الحجة عليهم، والنجاة لمن يحب النجاة، فقال وقوله الحق:
  {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، وقال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ ...}[طه: ١٣٤] الآية.
  ولم تزل الدنيا مذ بعث اللّه آدم ~ رسولا في ذريته مضبوطة بالأنبياء وذراريهم التالين لآثار آبائهم، الهادين بهديهم، القافين(١) لآثارهم، قرنا بعد قرن وأمة بعد أمة، حتى ختم اللّه بنبينا محمد ~ وآله وسلم الرسل، وجعل ملته خير الملل، وأمته خير الأمم، فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ...}[آل عمران: ١١٠] الآية، وقد جعل اللّه لنبيكم ~ ذرية من ابنته وسليلته(٢)، أبوهم ابن عمه، وأول مؤمن به، وأعظم أصحابه عناء في جهاد أعدائه، وأعلمهم بما أتى به فيه، يقول النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»، وفيه يقول: «علي
(١) في السيرة: العافين. والصواب ما أثبت.
(٢) في السيرة: وسليل. ولعل الصواب ما أثبت.