مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى حمير]

صفحة 347 - الجزء 1

  كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ ١٨٤}⁣[آل عمران: ١٨٤]، ولم يذرهم سبحانه من رسله مع علمه تكذيبهم لإثبات الحجة عليهم، والنجاة لمن يحب النجاة، فقال وقوله الحق:

  {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}⁣[النساء: ١٦٥]، وقال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ ...}⁣[طه: ١٣٤] الآية.

  ولم تزل الدنيا مذ بعث اللّه آدم ~ رسولا في ذريته مضبوطة بالأنبياء وذراريهم التالين لآثار آبائهم، الهادين بهديهم، القافين⁣(⁣١) لآثارهم، قرنا بعد قرن وأمة بعد أمة، حتى ختم اللّه بنبينا محمد ~ وآله وسلم الرسل، وجعل ملته خير الملل، وأمته خير الأمم، فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ...}⁣[آل عمران: ١١٠] الآية، وقد جعل اللّه لنبيكم ~ ذرية من ابنته وسليلته⁣(⁣٢)، أبوهم ابن عمه، وأول مؤمن به، وأعظم أصحابه عناء في جهاد أعدائه، وأعلمهم بما أتى به فيه، يقول النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»، وفيه يقول: «علي


(١) في السيرة: العافين. والصواب ما أثبت.

(٢) في السيرة: وسليل. ولعل الصواب ما أثبت.