مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[عهد القاسم لأهل ولايته]

صفحة 360 - الجزء 1

  واللّه يوفقك لبرهم، والصبر عليهم، فلذلك فالزم تسمّى: وافيا، وتكون ثقة ماضيا.

  وبعد يا بني فقد وليتك من صنعاء بلدا عاملني عليه مختاره أحمد بن قيس بلا إكراه مني له [على] ذلك، ولا طلبة فيها إليه، بل عاملني اختيارا منه لمواصلتي وصحبتي فعاملني، فعامله وفاءها، فارعه بتلك العين، وقوّ عزيمته بحسن عشيرتك، والإصغاء لرأيه، وترك أقوال المنتصحين به، والإصغاء لهم، فلم يدخل معنا أحد من الملوك بمثل مدخله، ولم يوالنا أحد بمثل موالاته، فأقمه في النصيحة مقامي فاتخذه نصيحا، فقد وجدته صحيحا، ولا تستبد في بلده ورجاله برأي من دونه، فلذلك حال تحمد عاقبته، ولا تعدم منفعته.

  وأنت فصاير إلى رجال قد جروا في الميادين، وفلسوا السلاطين، ولا تغتر بإقبالهم عليك، واحترز منهم تحرزا لا يجدون فيه سبيلا إليك، وذلك فلا تخرج من خراج بلدانهم درهما فما فوق على يديك، واجعل لذلك أمناء منهم ومن العامة، واجهد نفسك في استخراج الواجبات وإضافتها إلى الأمناء، ولا يكن أمرا إلا فيما يرسم لك منها، فإن أحدا لا يجد في يديك ما تذم عليه ما لم يصر في يدك ما هو صائر إليهم من يد غيرك، وإن أراد ذلك منك مريد كنت بمعزل بما ينسب إليك فيه الخيانة، ويخلق عليك عرضك، ويستند منه إليك ما لا يحسن، فهذا وجه اعرفه وحصّله، ولا تر رأيا غيره، فإن طلبك أحد ما ليس في يدك ظلمك، وكان عذرك قائما، وإن صرفته بجميل لم يشفعك وعلم عذرك.