[عهد القاسم لأهل ولايته]
  نفسك فيكون في ذلك هلاكهم، واحرسهم ولا تشتغل بالقتال عنهم، حتى يدهمهم ما يوجب قتالك من دونهم، ثم البذل البذل، وإذا انهزم أصحابك فاحم على أعقابهم، وإن وقفوا لكرة وكرهتهم، وإن نفقوا(١) فاحم بقدر الطاقة ولا تنفصل عنهم، فليس لك موقف بعد معان(٢) فئتك التي تريد إليها، وشاور في الحرب من قبل الدخول فيه، فأكثر الشورى، ولا تنفذ أمرا بالمشاورة من قبل الإجماع، فإن اختلف المشيرون فخذ في الرأي ما يوجب سلامة العز والدنيا، ولا تأخذ من الآراء ما يوجب الفتنة، فإن الفتنة ربما أخرجت من الدين والدنيا، وبدلت العز ذلا، فاحترز كل الاحتراز مما يوجب ما ذكرت لك، وإذا بان الحق وثبت الأعوان فشد، وإذا وقعت الشبهة فأمسك، وإذا عدمت أهل العون فارفق بنفسك، ولا تضع شيئا إلا في موضعه.
  اللّه اللّه ثم اللّه اللّه احفظ بكل ما أوصيتك به، والناس أضداد وكل يسعى بضده، فاطّرح ذلك ولا تعمل من الأمور إلا بأصحّها وأبعدها من الريب، ولم أدع حالا أوصيتك به إلا وقد ذكرت لك منه أصلا تبني عليه، أو فرعا تعتمد عليه، واللّه يوفقك ويحفظك، ويمدك بعونه، ويسعدك بطاعته، وهي العروة الوثقى لا انفصام لها، فتمسك بها ففيها النجاة، والحمد للّه أولا وآخرا، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.
(١) في الكلام هنا خلل.
(٢) في الكلام هنا خلل.