[كتابه إلى ولده جعفر]
  كان ما تريد نفسك يؤول إلى هذا، فكيف يكون حال غيرها من ولي لم تتحقق ولايته؟! أو عدو لا تأمن خيانته؟!
  يا بني إذا ارتضاك(١) قوم لأنفسهم واليا، ورأوك لذلك أهلا، فصدّق ظنهم بك، وألن لهم جانبك، وأحسن إليهم جهدك، وليس ذلك إلا بأن تشملهم(٢) من صبرك على مسيئهم، وتجاوز عن قبيح فعلهم، فاجعل من نفسك ما قد وصّيتك به.
  وأحذرك من الإصغاء لمن يبدي لك النصيحة، ولكن اسمع قوله، وأظهر قبوله ولا تعطي(٣) ولا تعمل به حتى يتحقق لك منه ما لم يستبن عند لقائه، فإن أبانت لك التبينة سيئا فاحمل نفسك بالتجاوز عنه، وإن أبانت(٤) لك حسنا فأنت إذ ذلك المقسط بحاجتك، والسّالم من عجلتك.
  ومما أوصيتك به كثرة الاحتراز من الناس، فإنهم مبتلون بانتقاد(٥) البرية، يحصون(٦) على كل إنسان قوله وفعله، فاجعل السكات شعارك، تسلم من ساع يسعى بعوار كلامك، وإذا أردت فعلا فتثبت قبل فعلك حتى تدري
(١) في السيرة: ارتضيك. والصواب ما أثبت.
(٢) في السيرة: ذلك بأن جعلهم. ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) في السيرة: ولا تعطا. ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) في السيرة: بانت. ولعل الصواب ما أثبت.
(٥) في السيرة: بافتقاد. ولعل الصواب ما أثبت.
(٦) في السيرة: بحصون. والصواب ما أثبت.