مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[تذكرته لأهل ولايته مع ولده علي]

صفحة 367 - الجزء 1

[تذكرته لأهل ولايته مع ولده علي]

  وسألوا الإمام أن يولي عليهم ولده عليا ابن الإمام المنصور باللّه أمير المؤمنين القاسم ~، فأوبج لهم في ذلك وولّى ابنه عليهم، ووجه مع القاسم تذكرة يسيرها في ولايته، نسختها:

   تعلم يا بني - أرشدك اللّه وأسعدك - أن حكماء الأمة من جعل الأناة نصب عينه، وشعار قلبه، ثم استظهر بآراء ذوي التجربة، الذين كثرت عليهم نوائب الزمان، وتتابع الحدثان، وأنت غرّ من الزمان، وما يدور به على الإنسان، فإن استشرت من قد لحقه التجربة عقلت رشدك وسعدت، وليس كل الناس يستشار، وإنما الرأي لأهل العقول الرضية والديانة والأمانة، وليس رأي الواحد يكاد يتبين صوابه إلا لمحصل حكيم، فإذا أردت أن تنال الرأي فشاور جماعة من ذوي الرأي كلا على حياله، فإن اتفقت آراؤهم فلن يكون مع الإجماع خطأ، وإن افترقت واختلفت فخذ منها بما أوجب العفو والأناة، فاجعله المقدم فإنك مع ذلك ستدرك الفائت، وتأمن الندامة، فهذا وجه اجعله مقدمة أحوالك، واجعل بجميع متصرفاتك أن تستشير فيما كلّك وسر مسرّتك، وما لا مشورة فيه ولا غنى عنه، لكن ضربته مثلا لئلا تدع المشورة في صغيرة ولا كبيرة، ولا قليل ولا كثير اللّه اللّه.

  وأحذرك نفسك فإنها من أعدى أعدائك لك، وأشدهم مضرة عليك، وقد قال اللّه تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}⁣[يوسف: ٥٣]، وقال عز