[تذكرته لأهل ولايته مع ولده علي]
  وجل: {وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ٤١}[النازعات: ٤٠ - ٤١]، والهوى فأصل كل معصية، وقد قال علي #: «وإذا خطر ببالك خاطران فخذ بأكرههما إليك، فإن الرشد فيما تكرهه إلى آخر عمرك»، فإن أجبت دعوتها وضعك ذلك وأذهب بهاءك، ونظرك بعين الدناءة من عاداك، وساء ذلك من والاك، فالزم الصبر فإن الصبر مفتاح الفرج، وقلّ من صبر فلم يظفر بحظ بحاجته، واستعمل عن كل ما تدعوك نفسك إليه الصبر(١)، وأحذرك إدناء من نقصك دناءة، وتقلّل من الناس ما استطعت، فإن مثل خيارهم كمثل الدرّ، ومثل شرارهم كمثل الصخر، فالدر خفيف محمله كثير منفعته، والصخر ثقيل محمله قليل نائله، وأحذرك الرغبة في الدنيا فإنها فضاحة نشافة، وليس يدرك لها غاية، وأحذرك أن تطالب حوائجك معا، فيثقل عليك مطلبها، فيخزيك فتونها، واطلبها بددا فإن ذلك أحرى بنيلها، وأخف لتكفلها لمن كفلها، فهذا وجهه فاعرفه، ولا تغلط فيه، وهو الذي أجلّ بكل من دخل في مدخلك ونحن بمعزل، ولست تحظى بشيء قد وصّيتك به الآن إلا بتقوى اللّه وتقوم بما حضضتك(٢) عليه، ولا تذر اكتساب العلم والاقتداء بآثاره من العلماء والحكماء، وهذا مفتاح الرزق، والنجاة من غضب الخالق، وقد قال النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «من عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار»، والسلام، فاللّه يصلحك ويحفظك ويوفقك، والحمد للّه وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلم.
(١) في السيرة: والصبر. ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) في السيرة: حضه. ولعل الصواب ما أثبت.