مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى جميع أهل الطاعة من أهل اليمن]

صفحة 382 - الجزء 1

  متعلق بكم لمقام أجلّ، إلا متعلق بمن نكث عهده، وأخلف وعده، ولم يكن [من] أولئك آمر بمعروف ولا ناه عن منكر، وإن تعلقنا بكم من بعد أن بان منكم ما بان بالضرورة إن صيرتمونا إليها وقدمتمونا منها، فهل فيكم أو في أحد منكم يا همدان من ينوبنا لجواب يصوننا فيه مما يصون فيه نفسه، إلى أن نستطيع مخرجا من بينكم، وتحويلا من أرضكم، فإن أرض اللّه واسعة، ولكنا في وقتنا هذا من الذين قال اللّه فيهم: {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا ٩٨}⁣[النساء: ٩٨].

  أجل لقد حللنا بينكم فما أرابكم محلي، بل سترت منكم القبيح، وإطفاء الفتن، وأمان السبيل، وألم الشعث، وقد كنتم ممن ألقاه مقام الرسول رسول اللّه، واللّه يقول في أولئك: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها}⁣[آل عمران: ١٠٣]. أجل لو ذكرتم نعمة اللّه لما زلّت بأحد منكم قدم، ولكنكم كأولئك، ولم تذكروا ما أولاكم اللّه من نعمته، وستندمون غدا مما أنتم له اليوم مريدين، وتريدون ما أنتم له كارهون⁣(⁣١)، ولات حين مناص {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ١٣٢}⁣[الأنعام: ١٣٢]، والحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.


(١) في السيرة: كارهين. ولعل الصواب ما أثبت.