مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى يوسف بن يحيى بن الناصر]

صفحة 401 - الجزء 1

  أخرجوك وغيرك ممن ادعاها، إذ الأمر بلا دليل ولا بصيرة، أن الأسماء لو كانت تنظر بسماتها بلا دليل لما بقي أحد حتى يتسمّى بها، لكن أبى اللّه ذلك إذ ميّز بين الحق والباطل، فقال لنبيه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٣٣}⁣[الأنعام: ٣٣]، قال: فإنهم لا يكذبونك بحجة يقطعونك بها عن مقامك، فأما التكذيب بالقول فلم يزالوا مكذبين، ولما جاء به جاحدين، وكذلك كان فعلهم مع سائر النبيين، قال اللّه ø: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ١٤}⁣[ق: ١٤]، وقال لنبيه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ ١٨٤}⁣[آل عمران: ١٨٤]، وقد بلغ بهم تكذيب من كذبهم أو ناكرهم أن انفردوا بأنفسهم في أطراف البلاد لا تابع لهم ولا ناصر، حتى اختار اللّه لهم دار الآخرة، وأهلك مكذبهم بأنواع العذاب، فإذا قد جرى ذلك بيننا في أنبياء اللّه مع ما أتوا به من الدلائل والمعجزات، فالأئمة أجدر أن يكذّبوا وأن لا يعرفوا! فكيف يعرف الأئمة من جهل عليهم، وإنما بعلمهم يعرفون، ولخذل من خذلهم أن يظهروا بسيرهم، وبالسيرة⁣(⁣١) الكريمة يوصفون، هذا ما لا يكون، فما بال من ظهر في حال بناها الجهل في هذه الأمة وعمومه


(١) في السيرة: وبالسير. ولعل الصواب ما أثبت.