[كتابه إلى يوسف بن يحيى بن الناصر]
  الغاية أردد(١) الكتب والرسل، ولمن أجر رسلي كان الحسيني بن مسلم، جرى بخلاف الزيدي، وهو عنده يسير في شأن ابن أبي الفتوح، وقلت إني لم أقم معه حين أمدني بشيء من حطام الدنيا، ولعنة اللّه على من أعطاه ابن أبي الفتوح بعد الذي جرى عليه درهما ولا أكثر منه ولا غرضا، وإني لأبعد بنفسي عن هذه المنزلة الدنية التي(٢) لا يفعلها بر ولا فاجر، بل بحمد اللّه قد أنفقنا فيما لزمنا من ذمته مالا، حسبما ها هو إلى هذه الغاية التي كيلت فيها تبرّا، ما انقطعت نفقتنا في ذلك، وإني كالذي وصف به سيدنا الهادي إلى الحق ¥ نفسه، إذ يقول:
  أبى اللّه لي هذي الفعال ... وإني أمرؤ ما تعتريني المطامع(٣)
  فهذا ما أمضى الجواب والمعذرة، وقد أجبت عنه واعتذرت عما ألقي إليك مما لا علم لك به، وأما سائر الكتاب ففيه من المعايب والقول الواسع، ما لو رمنا الجواب عنه لخشينا أن يزيد ما ينشأ بعدا، فقد ضربنا عن حكايته وجوابه.
  واعلم يا ابن عمي وسيدي أن اللّه عند لسان كل قائل، ولو رمت أن أكافئ قولك وأذكر معايبك مما يذكره الناس فيك مما يصدقون فيه أو يكذبون
(١) في السيرة: أردوا. ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) في السيرة: الذي. ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) سيرة الهادي إلى الحق / ٣٠٣.