مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى همدان]

صفحة 408 - الجزء 1

  الذي بدا لكم منه أوجب اتباعه ورفض العلم فأثبتوا ذلك، وتبين من قبلكم قوله فينا كي تعرفه البرية، كما تفضل اللّه نعمته علينا عوضا وإن تمّ لكن ذلك معكم ولا معه، فما هذا الجهل وهذا العمل الذي لا تميزون معه بين الحق والباطل، ولا العالم ولا الجاهل؟!

  معاشر همدان باديها وحاضرها إن اللّه بيني وبينكم حكم وشاهد علينا جميعا، أبهذا أمركم اللّه فينا فأطعتم أمره؟! أم بسنة الرسول فاتبعتم سنته، أما اللّه فقال وقوله الحق: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ}⁣[المجادلة: ١١]، وقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}⁣[الزمر: ٩]، ألا إنه في آي من كتاب اللّه ها هو باق في أيديكم، وموجود في كتاب ربكم، وقال النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم لليهود:

  «من استخلف موسى من بعده؟ فقالوا: يوشع بن نون. فقال النبي: لم استخلفه دون بني إسرائيل؟ قالوا: لا ندري. قال النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: لأنه كان أعلم بني إسرائيل»، كذلك فعل النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم استخلف علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه إذ كان أعلم قومه، وقد شككتم وأمن جهلنا وقبلتم فعل من لا نقاس به ولا يقاس بنا، بسبيلهم أولى بالصواب والصدق أم الجاهل؟!

  فإن قلتم: العالم فلا تفعلوا ذلك فينا، وإن قلتم: الجاهل، فقد فعلتم ذلك، وتلك التي ينكرها عليكم جهال البرية فضلا عن علمائها، ولا بد أن نعرفكم بخطإ فعلكم وخطأ من أوهمكم فينا ما ليس فينا، ليجلو بذلك عنكم سكرة الجهل، ويرد عليكم ما لم تنتفعوا به من العقل، ما أول ما دخل بهذا