مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى همدان]

صفحة 409 - الجزء 1

  الرجل معي، فإنه أتى من الحجاز بالإطاعة ومحبة وهجرة، فقابلت ما ذكر بالقبول، وجعلت له من القربة والمحل ما لم أجعله لأحد من آل الرسول، ولم أني أن سلمت إليه تولّي ما ملكت تصريفه من بلادكم، ولم أجعل لي ولا لغيري معه في ذلك يدا، وعهدت إليه عهدا آمره فيه بما يجب للّه عليّ وعليه، وأهديه من السّير على ما نحن بسببه إلي وإليه، فنبذ ذلك وراء ظهره ولم يعتمد به، وهذا عهدي موجود فيما كتبت من آدابي وسيرتي⁣(⁣١)، وأعرفه بمن قد أوجبت له الكفاف من السلاطين فلم يرعو لذلك عن قولي، ولم أدخل مع سلطاني به كافة إلا لوجهين، أما أحدهما: فإني اتبعت أمر اللّه، واللّه يقول لنبيه: {... وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها}⁣[الأنفال: ٦١]، وكل سلطان باليمن طلبني السّلم بمن عاملت فلم يسعني عن اتباع أمر اللّه.

  وأما الوجه الثاني: فإني اتبعت أمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # في هذه الأمة، فإنه قال صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم لهم: «علينا ثلاث ما كان لنا عليهم ثلاث، لهم علينا أن لا نمنعهم من الفيء ما كانت أيديهم مع أيدينا، وأن لا نبدأهم بمحاربة حتى يبدءونا، وأن لا نمنعهم من الصلاة في مسجدنا ما صلوا بصلاتنا»، وأنا فلم أبدأ⁣(⁣٢) أحدا من سلاطين اليمن بفتنة ما يكون منه بعدها منتصرا، والجميع⁣(⁣٣) يعلمون أن النبي ÷


(١) في السيرة: كنت من آبائي. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) في السيرة: نبد. ولعل الصواب ما أثبت.

(٣) في السيرة: وجميع. ولعل الصواب ما أثبت.