مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى همدان]

صفحة 410 - الجزء 1

  سالم كثيرا من المشركين، وكذلك كثيرا من أهل الكتاب، وأعطاهم ذمته وهم من الكفر على ما ليس عليه أحد، منهم [من] يقول: إن اللّه ثالث ثلاثة، ويزعم أن المسيح ابن مريم ابن اللّه، ومنهم من يزعم أن العزير ابن اللّه، مع جحدهم لمحمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم، ولما أتى به من اللّه، مع استحلالهم لجميع المحارم، من شرب الخمور، وأكل لحم الخترير، والاستحلال لكافة المحارم، وها هم في ذمته صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إلى هذه الغاية، ترعاهم أهل ملته في مشارق الأرض ومغاربها، فهل خطّأ أحد من المسلمين فعل النبي في هؤلاء الكفرة المشركين، وقال إنه والاهم بإحسانه إليهم، وجعل ذمته لهم مع كفرهم إلى يوم القيامة، فهذا ما لا يقول به مسلم.

  فما بال هذا المحتسب على من هو أولى بالحسبة منه، ألا يجوّز رسول اللّه في حكمه، وعلينا في سيرته، ويجوز من اتبع سيرتهما في المعاهدين والمليين، ألم تعلم أن من أنكر سيرة سار بها الرسول صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم والأئمة من بعده على سيرتها أن نكيره عليهم لا على التابع لآثارهم، وهذا الرجل فقد أنكر ما لم يعلم وجاز ذلك على كثير منكم، إذ قد آنست المعرفة به وبكم.

  وأما ما عابنا به من النكرة عليه في بعض عهدنا لابن أبي الفتوح والقيام معه، فإنا نعرّفكم من الحال بما لا تنكرون، أما ابن أبي الفتوح فأعطيته مني موعدا الكفات عما في يده من مال ورجال، إلى دنوّي من أرضه وطلبه القيام معي، فإذا كان ذلك لم يكن له عني تأخر، فأقبل ورضي يحمل إلي في