مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب ذم الأهواء والوهوم

صفحة 420 - الجزء 1

  بيعتهم، وأشهد اللّه عليهم، ونهض حاسرا عن ذراعيه، مشمرا عن ساقيه، يقي أصحابه بنفسه، إذ كان غيره يتقي بأصحابه حد الأسنة وبادرة السيوف، حتى أتيح له فاسق بضربة، فبدّله اللّه بها رضوانه، وكريم مآبه، فقمت مقامه محتذيا مثاله، سالكا سبيله، وقدمت اللّه أمامي، وخرجت في جمهور من الناس، فلما صرت في مظلم ساباط عدى علي بعض المخلين، فطعنني بحديدة طعنة كادت تأتي على نفسي، فحملت إلى أبيض المدائن جريحا نزيفا، أريد إن استعللت من جراحتي أنهض لقتال عدوي، فبينا أنا كذلك إذ صرخ صارخ في عسكري: ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل، فوثب الناس بي، فنقضوا أبنيتي، وانتهبوا أمتعتي، وأخذوا خاتمي من يدي، وسلبوا خلخال حرمتي، فجعلت أناشدهم اللّه في حرمتي، ونظرت فإذا أنا قليل الناصر، كثير الواتر، لم يبق معي إلا طائفة من أهل بيتي لو أقدمت بها لأقدمت، ولو أقدمت لقتلت، ولو قتلت لباد الدين، فدخلت في التقية التي دخل فيها هارون ومحمد وأبي À، «وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين»، وصلى اللّه على محمد خاتم النبيين، ثم قال الحسن #: «إن من البلاء على هذه الأمة أنا إذا دعوناهم لم يجيبونا، وإذا تركناهم لم يهتدوا إلا بنا». انتهى.