وصية الإمام المنصور بالله القاسم بن علي بن عبد الله العياني
  يقول وقوله الحق: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ٤٣}[الشورى: ٤٣].
  وإياكم والقطيعة، فإنها مخربة للديار، قاصرة للأعمار، فلا تذروا صلة الرحم بينكم، فإن اللّه جعل لها حقا فوصلها بحقه، فقال عز من قائل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ}[النساء: ١].
  وإياكم أن يبعد بعضكم من بعض، فإن الذل والقلة في الفرقة وتباعد الديار، فإن رسول اللّه ÷ قال: «بعد الديار كبعد النسب، وليس ينال الاجتوار إلا من صبر لصاحبه».
  وإياكم ثم إياكم والحسد لمن نال منكم دينا أو دنيا، فإن الحسد أعظم المعاصي وأكبرها، وعليكم بحفظ الجيران والأضياف والمعترين، ابذلوا لهم خيركم، فإن لم يكن بأيديكم ما تبذلون فابذلوا القول الكريم، فربّ قول أحسن من نائل لم يجلب محمدة، وقد أوصى اللّه سبحانه.
  وإياكم والخيلاء والفخر، {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه - {لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً ٣٦}[النساء: ٣٦]، وعليكم بالتواضع جهدكم، فإن التواضع ينفي الكبر، ويعلي القدر، وعليكم يا بني بقراءة كتاب اللّه تعالى، والعمل بطاعته، واتباع ما فيه من أمره ونهيه، والتأدب بما جعلت لكم من الأدب، والتفقه فيما ورّثتكم من الفقه، فإن ذلك خير ما ورّث أب بنيه.
  وإياكم والزهد فيه، واحذر أن يصدكم عنه بعض من يعاديه، فإن من زهد في علم أبيه زهد العالم فيه، ويكفى أمرا أن تقل فيه رغبة البرية، آثروا