مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

وصية الإمام المنصور بالله القاسم بن علي بن عبد الله العياني

صفحة 427 - الجزء 1

  كل ما به نباتكم مما يدنيكم إليه، واقبلوا نصيحتي عليه، فإذا اعتمدتم على ذلك وجعلتموه أكبر همكم، فعليكم من بعد ذلك بطلب الرزق، خلا ما يكون كيلة أو وزنة، فإن عجزتم عن التجارة والزراعة، فعليكم بالغرش⁣(⁣١) من حرة الأرض وحشاشتها، والاقتصاد في رزقكم، والرفق في أموركم، من غير أن تضعوا بأحسابكم، فليس بحكيم من ضيّع دينا بحصول دنيا، ولربما ضيّع الدين ولم تنل الدنيا.

  وإياكم وسكنى القرى، ولو أدركتم رغبة الدنيا فإنها مفسدة الدين، والحريم والذرية والألسن والأخلاق والمكارم، وكذلك فاحذروا مساكنة لصوص العرب، ومتابعة المواشي، وسكنى بيوت الشّعر، فإن النبي ÷ قال: «من بدا جفا». وقال اللّه عز من قائل: {الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ}⁣[التوبة: ٩٧].

  وفي البدا آفات مذمومة، إحداها:

  أن النبي ÷ «نهى عن التعرب بعد الهجرة»، وأنه كان «ينهى أصحابه أن يزوجوا البادي المهاجرة»، و «ينهى المهاجرين أن يتزوجوا البدويات من النساء إلا أن يدخلوا بهن إلى دار الهجرة»، ومع ذلك رثا⁣(⁣٢) البادي وكثرة تعبه، وشظف معيشته، وجفا الماشية، إلا في أقل الوقت، وكثرة الشغل بها، حتى لقد رأيت ذلك يمنع أهلها من أداء الفرائض والسنن


(١) الكلمة مهملة في المخطوط، ولم يتضح لي معناها.

(٢) الكلمة هنا ممسوحة.