مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

وصية الإمام المنصور بالله القاسم بن علي بن عبد الله العياني

صفحة 428 - الجزء 1

  والعلم، فإن رغب أحد منكم في ذلك متنزها، فلن ينال ذلك إلا من له محل⁣(⁣١) يستقر به، فإذا كان ذلك فلا يضيق على أحد منكم إذا بلغ حد السعة ولم يكن متعربا، وكان تبدّيه تنزها.

  ثم عليكم بالاعتوان ما كنتم في حال الفقر، فإن ذلك يلحقكم طبقة ذوي المال، وإن تفردتم ورام كل رجل منكم أن يقوم بنفسه، عجز عما يلزمه من حق الجار والضيف والسائل، في حال خلوهم بكم، وكثر ذمهم لكم، وليس يطيق هذه الأموال إلا القليل من أهل اليسار، والعجز مع ذلك يضلع⁣(⁣٢) المنفرد بأمره، فاحذروا التفرد كل الحذر، والزموا الاجتوار والاعتوان على كل ما ألمّ، وإن عجز منكم عن المساعدة عاجز إما لعدم وإما لبخل، فلا تشاحوه فتكونوا مثله، ويدخلكم ذلك في مثل ما كرهتم منه، ولكن ذروه يكن كالميت منكم، أو كالحرمة من حرمكم، وكونوا أولى من ستر على من كان منكم كذلك، وقد أرجو من اللّه جل اسمه، أن يصونكم عن البخل والدناءة كما صان أباكم، فو اللّه ما علمت فيمن تنسبون إليه بخيلا إلى أن كتبت كتابي هذا، فعليكم بالمسامحة في الأمور لمن شح، فإنكم تحمدون العاقبة، واللّه أسال هدايتكم، والحال الجميلة فيكم.

  ثم عليكم بالمحافظة على الحريم، والصيانة لهن بالحجاب، وخفض الأصوات، فإن صوت الحرمة إذا سمع كان أضر عليها من خروجها من


(١) في المخطوط: ومحل. وما أثبت اجتهاد.

(٢) الضلاعة: القوى، يقال: اضطلع بحمله، أي: قوي عليه ونهض به. لسان العرب.